سورة النساء - تفسير تفسير البيضاوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (النساء)


        


{إِنَّمَا التوبة عَلَى الله} أي إن قبول التوبة كالمحتوم على الله بمقتضى وعده من تاب عليه إذا قبل توبته. {لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السوء بجهالة} متلبسين بها سفهاً فإن ارتكاب الذنب سفه وتجاهل، ولذلك قيل من عصى الله فهو جاهل حتى ينزع عن جهالته. {ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ} من زمان قريب، أي قبل حضور الموت لقوله تعالى: {حتى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الموت} وقوله عليه الصلاة والسلام: «إن الله يقبل توبة عبده ما لم يغرغر» وسماه قريباً لأن أمد الحياة قريب لقوله تعالى: {قُلْ متاع الدنيا قَلِيلٌ} أو قبل أن يشرب في قلوبهم حبه فيطبع عليها فيتعذر عليهم الرجوع، و{مِنْ} للتبعيض أي يتوبون في أي جزء من الزمان القريب الذي هو ما قبل أن ينزل بهم سلطان الموت، أو يزين السوء. {فَأُوْلَئِكَ يَتُوبُ الله عَلَيْهِمْ} وعد بالوفاء بما وعد به وكتب على نفسه بقوله: {إِنَّمَا التوبة عَلَى الله} {وَكَانَ الله عَلِيماً} فهو يعلم بإخلاصهم في التوبة {حَكِيماً} والحكيم لا يعاقب التائب.


{وَلَيْسَتِ التوبة لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السيئات حتى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الموت قَالَ إِنّي تُبْتُ الآن وَلاَ الذين يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ} سوى بين من سوف يتوب إلى حضور الموت من الفسقة والكفار، وبين من مات على الكفر في نفي التوبة للمبالغة في عدم الاعتداد بها في تلك الحالة، وكأنه قال وتوبة هؤلاء وعدم توبة هؤلاء سواء. وقيل المراد بالذين يعملون السوء عصاة المؤمنين، وبالذين يعملون السيئات المنافقون لتضاعف كفرهم وسوء أعمالهم، وبالذين يموتون الكفار. {أُوْلَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً} تأكيد لعدم قبول توبتهم، وبيان أن العذاب أعده لهم لا يعجزه عذابهم متى شاء، والاعتداد التهيئة من العتاد وهو العدة، وقيل أصله أعددنا فأبدلت الدال الأولى تاء.


{يَأَيُّهَا الذين ءَامَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النساء كَرْهاً} كان الرجل إذا مات وله عصبة ألقى ثوبه على امرأته وقال: أنا أحق بها ثم إن شاء تزوجها بصداقها الأول، وإن شاء زوجها غيره وأخذ صداقها، وإن شاء عضلها لتفتدي بما ورثت من زوجها، فنهوا عن ذلك. وقيل: لا يحل لكم أن تأخذوهن على سبيل الإِرث فتتزوجوهن كارهات لذلك أو مكرهات عليه. وقرأ حمزة والكسائي {كَرْهاً} بالضم في مواضعه وهما لغتان. وقيل بالضم المشقة وبالفتح ما يكره عليه. {وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا ءَاتَيْتُمُوهُنَّ} عطف على {أَن تَرِثُواْ}، ولا لتأكيد النفي أي ولا تمنعوهن من التزويج، وأصل العضل التضييق يقال عضلت الدجاجة ببيضها. وقيل الخطاب مع الأزواج كانوا يحبسون النساء من غير حاجة ورغبة حتى يرثوا منهن أو يختلعن بمهورهن. وقيل تم الكلام بقوله كرهاً ثم خاطب الأزواج ونهاهم عن العضل. {إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيّنَةٍ} كالنشوز وسوء العشرة وعدم التعفف، والاستثناء من أعم عام الظرف أو المفعول له تقديره ولا تعضلوهن للافتداء إلا وقت أن يأتين بفاحشة، أو ولا تعضلوهن لعلة إلا أن يأتين بفاحشة. وقرأ ابن كثير وأبو بكر {مُّبَيّنَةٍ} هنا وفي الأحزاب والطلاق بفتح الياء والباقون بكسرها فيهن. {وَعَاشِرُوهُنَّ بالمعروف} بالإِنصاف في الفعل والإِجمال في القول. {فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فعسى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ الله فِيهِ خَيْراً كَثِيراً} أي فلا تفارقوهن لكراهة النفس فإنها قد تكره ما هو أصلح ديناً وأكثر خيراً، وقد تحب ما هو بخلافه. وليكن نظركم إلى ما هو أصلح للدين وأدنى إلى الخير، وعسى في الأصل علة فأقيم مقامه. والمعنى فإن كرهتموهن فاصبروا عليهن فعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8